بالصبر الجميل.. تدوم السعادة الزوجية

نص المشكلة:
بسم الله الرحمن الرحيم،
أبلغ من العمر 27 عاما، تزوجت رجلا عربيا كان متزوجا من أمريكية مسلمة وأنجب منها ولدا عمره 4 سنوات وابنة عمرها سنتان، عندما تزوجته كان قد طلق زوجته السابقة نهائيا، وقد أخذ الأولاد بموجب قضاء المحكمة، وزوجته السابقة تزوجت وذهبت إلى المغرب.

المهم عندما تزوجته ذهبنا إلى أمريكا لأنه يريد العمل هناك لفترة حتى أستطيع أن أكمل الدكتوراة، بعد فترة من زواجنا رجعت زوجته تطالب بالأولاد هي ومجموعة من أقاربها غير المسلمين، علما بأنها لا تعرف من الإسلام إلا اسمه، ولها هي وعائلتها تاريخ حافل بالانحلال الخلقي واختطاف الأطفال واغتصابهم و... و...

اليوم رفعوا قضية لأخذ الأولاد وأنتم تعرفون أن المحاكم الأمريكية تكلف الكثير والكثير خلال هذه الفترة التي ستستمر مدى الحياة؛ لأن زوجته كلما انتهت قضية رفعتها من جديد ونضطر أن نذهب للمحامي مرة أخرى.. خلال هذه الفترة انهارت أعصابي ولم أستطع التحمل أكثر حيث يضطر زوجي الحديث مع زوجته، وأنا أكره ذلك وأعيش مضطربة الأعصاب، خاصة أنها تأتي في بعض الأوقات وتأخذ الأولاد.

الذي يضايقني أنني ما زلت عروسا جديدة ولم أعش مثلما تعيش أكثر البنات ولو لأسبوع واحد، علما أنني أحب زوجي كثيرا وهو أكثر، إلا أن زواجه السابق والمحاكم سببت لي الكثير من المشاكل معه.

السؤال: هل أطلب الطلاق أم يجب عليَّ أن أصبر وأرضى بالقضاء والقدر؟
أرجو إجابتي بسرعة ولكم كل الشكر.

الحل: د.عمرو أبو خليل
لقد تزوجت من هذا الرجل وأنت تعلمين بزواجه السابق، وكانت الأمور هادئة، أو هكذا بدا الأمر؛ فالرجل لم يخدعك ولم يكن على علم بما سيحدث.. ولكن هذه الزوجة السابقة التي كانت قد تزوجت بالفعل عادت لتطالب بأولادها لأسباب تخصها.. وبالتالي بدأت المشاكل..

وهي مشاكل تشبه أي مشاكل تجدّ في حياة الإنسان وهو لا يتوقعها؛ فهذا الزوج كان من الممكن أن يكون ميسورا من الناحية المادية، ثم يتعرض لأزمة مالية تجعله في ضيق وضنك، وكان من الممكن أن يكون صحيحا بدنيا ثم يصيبه المرض الذي يؤثر على حالته الصحية.. أو... أو... من الاحتمالات المختلفة للمصائب التي كانت ستحل بهذا الرجل في حياته لتغيرها.. وبالتالي يصبح حلم السعادة في الحياة الزوجية قد تبدد..

فهل على الزوجة عند أول أزمة يتعرض لها زوجها وهو ليس له يد فيها ولم يخفها عليها أو كان متسببا فيها.. هل على الزوجة في هذه اللحظة أن تقول: وما ذنبي أن أعيش مع زوج فقير فقد تزوجته غنيا، أو مع زوج مريض فقد تزوجته سليما، أو مع زوج لديه مشاكل من أي نوع فقد تزوجته وهو في حياة هادئة بدون منغصات؟!

إن المفاضلة هناك ليست بين الصبر والرضا بالقضاء والقدر وطلب الطلاق.. فهذه ليست القضية، أو لا ينظر للأمور بهذا الشكل البسيط.. إنها الحياة الزوجية.. إنها الشراكة، إنه العيش على الحلوة والمرة.. إذا لم يقف شريك الحياة بجانب شريكه في اللحظات الصعبة فمتى يقف... يقف بكل حب.. بكل عطاء.. بكل تضحية.. بكل رضا.. لا يفعل ذلك متضررا بل يفعله بصبر جميل كما قال يعقوب عليه السلام..

إن الأمر ليس شكلا أو إجراءات أقوم بها لأبدو أني أقف مع شريك حياتي.. ولكنه روح تسري في أوصال الحياة الزوجية؛ فتجعل الدفء يسري في أطراف الشريك الآخر، ويشعر أنه ليس وحده الذي يواجه الأزمة، وأن الله قد عوضه عن الخسارة أيا كانت بهذا الشريك المخلص.. إذا لم توجد هذه الروح وإذا لم يشعر الشريك بهذا الدفء فلا هي حياة ولا هو زواج. وأن يواجه الإنسان مشكلته بمفرده خير من أن يواجه معها إحساسه بتخلي شريك حياته عنه عندما احتاج لهذا الشريك.. هل وصلت الرسالة؟.. أرجو ذلك.