يغدو خالد متوجها في الصباح إلى عمله، حاملا أكياسا بها مخلفات منزله، ملقيا بها في صندوق القمامة أسفل مسكنه، وهو سلوك يكرره مرارا، لكن مع بداية شهر رمضان الكريم هذا العام، قرر خالد أن يستفيد من تلك القمامة ويستثمرها استثمارا أمثل لا يضر ببيئته، وفي ذات الوقت يدر عليه دخلا لا بأس به.
وعلى غرار تحويل التراب إلى ذهب يمكننا جميعا أن نحذو حذو خالد، لنحول مخلفاتنا إلى ثروة ضخمة، فـ"بيزنس" إعادة تدوير المهملات أو المخلفات يعد استثمارا مضمونا ومربحا دون تكلفة تذكر، إلى جانب أنه سبيل مضمون للتخلص من النفايات المضرة للبيئة والمستوى الأول منها يبدأ بالمنزل، هذا ما أكده دكتور علاء عيد، استشاري ورئيس مجلس إدارة المكتب العلمي لتكنولوجيا البلاستيك والمطاط.
وأوضح أنه يمكن التربح من المخلفات بأشكالها على مستويات مختلفة، وهي طريقة فرز وفصل مكونات القمامة قبل التخلص منها، فيمكن تخصيص صندوق لكل من الآتي: الورق والكارتون والزجاج، والحديد، والمخلفات العضوية، أي فضلات الطعام، ثم بعد ذلك يتم التعامل مع كل نوع على حدة؛ فمثلا الحديد يباع لتجار خردة الحديد، والزجاج لتجار الزجاج، وهكذا.
عرض د. علاء (الحاصل على دكتوراه في كيمياء وتكنولوجيا علم البلمرات من جامعة مندليف الروسية لتكنولوجيا الكيمياء - موسكو) عددا من النصائح للاستفادة من المخلفات المنزلية التي سبق فرزها، منها:
1- حاول أن تعيد استخدام العبوات البلاستيكية.
2- قم ببيع الورق لتجار الخردة.
3- من الممكن أن تبيع المخلفات العضوية "بقايا الطعام" لوحدات تصنيع السماد العضوي، حتى يقوموا بإنتاج مواد ذات قيمة سمادية عالية، ويتم ذلك بعدة طرق، منها المعالجة بالتخمر الهوائي، أو عملية التخمر اللاهوائي، أو التخمر بالديدان، وهذه العمليات تعتبر في ذاتها عمليات غير ملوثة للبيئة واقتصادية وغير مستهلكة للطاقة.
4- فكر في إنشاء مصنع لإعادة تدوير المخلفات إذا كنت تمتلك رأس مال وترغب في الاستثمار، واتبع الخطوات التالية:
* زيارة بعض المصانع العاملة في هذا المجال.
*دراسة السوق لتحديد نوع المنتج الذي تختار الاستثمار فيه، فمثلا إذا اخترت مجال الورق فعليك أن تزور مصانع الورق، والسؤال عن أسعار الورق وبكم يشترونه، وعن أنواع الورق، فيوجد مثلا ورق درجة أولى، ودرجة ثانية، وثالثة، وتقوم مصانع الورق بدورها في عملية تدوير مخلفات الورق وتحوله بعد ذلك إلى رولات ورق مصنَّع، يمكن تشكيله بعد ذلك إلى منتجات ورقية عديدة.
تدوير البلاستيك
وعن كيفية إعادة تدوير البلاستك بشكل صحي أوضح الدكتور علاء أن هذه العملية تمر بـ4 مراحل تبدأ بالفرز والتصنيف، يليها الغسيل والتجفيف، وبعدها الجرش والتكسير، وتنتهي عند التخريز والتحبيب.
المرحلة الأولى الفرز والتصنيف: أخطر وأهم المراحل، ويشدد الدكتور علاء عيد بنبرة حازمة على أهمية دور الفرد قائلا: "لو استطعنا أن نصل إلى ثقافة مجتمعية، بحيث يتم الفصل عند المنبع، أي أن ست البيت أو ربة الأسرة في المنزل تقوم بتصنيف المخلفات، فتضع البلاستيك وحده والورق وحده، والمخلفات الأخرى كل نوع على حدة، ويقوم جامعو القمامة أو المخلفات بتجميع هذه المخلفات كل على حدة، ستصل المخلفات البلاستيكية إلى مصانع التدوير مفروزة".
المرحلة الثانية الغسل والتجفيف: لا بد من الغسل الجيد، والتجفيف التام؛ لأن أي رطوبة ستدخل مع البلاستيك في داخل ماكينة التخريز ستؤدي إلى عيب في المنتج.
المرحلة الثالثة الجرش والتكسير: حيث يتم وضع المخلفات بعد فرزها في ماكينات تقوم بتفتيتها إلى قطع صغيرة، حتى يسهل تخزينها ونقلها.
المرحلة الرابعة التخريز والتحبيب: وعملية التخريز هي عملية صهر خامات البلاستيك عند درجات حرارة معينة (لكل مادة بلاستيكية درجة حرارة انصهار تختلف عن الأخرى)، وتكمن الخطورة هنا في ضبط حرارة الصهر، كذلك حرارة التبريد بعد خروج المنتج من الماكينة؛ لأن زيادة حرارة الصهر تؤدي إلى احتراق المنتج وفقدانه خواصه المميزة.
لذا يوصى د. علاء كل من يريد التخصص في هذا المجال عبر إقامة مصنع لإعادة التدوير:
1- اللجوء للمختصين واستشارتهم في الأمر.
2- أخذ دورات تدريبية على عمليات التدوير المختلفة.
3- تسجيل المشروع في هيئة التنمية الصناعية؛ حتى يتمتع بالمزايا التي تقدمها مراكز تحديث الصناعة، ومركز تطوير المهارات؛ حيث تقوم تلك الهيئات بدعم أصحاب المصانع المسجلين لديهم، بالتدريب بنسبة 90%، كذلك فإن تلك الهيئات تقوم بمساعدة أصحاب المصانع في عرض منتجاتهم في المعارض المحلية والمشاركة في المعارض الدولية.
منقول