لا تتخلي عنه.. ولا تحاربي من أجله.. المشكلة:بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود طرح مشكلتي، وهي إن شاء الله ليست شكوى من الحال؛ فالحمد لله أنا راضية بما قسمه الله لي وراضية بكل ما يرضاه لي ربي، وإنما هي حب في الاستشارة ورغبتي في أن أعرف إن كنت على صواب أم على خطأ، ولا بد أن لحضرتكم الخبرة في التعامل مع قضايا الشباب في ضوء ما قرأت من المشاكل والحلول التي تطرحونها.
قصتي باختصار هي أنني منذ أن كنت في أيام الدراسة وأنا أجد في العمل التطوعي والحركة الدائمة وجودي، وأجد نفسي في هذا العمل، إلا أنني والحمد لله تغيرت نظرتي للعمل التطوعي بأن يكون هذا العمل لله عز وجل؛ فأصبحت لا أستطيع العيش وأنا أشعر أني أعيش لنفسي فقط.
عانيت كثيرا خلال الفترة الجامعية بأن أجد من يساعدني ويكون معي صحبة صالحة تفهمني وتعينني بأن نكون يدا واحدة في طريق الله ويكون هدفنا واحدا.
وجدت القليل من الفتيات اللاتي يحملن معي نفس التفكير، حتى أهلي لا يفهمون مدى أهمية هذا الجانب في حياتي، ودائما والدي منذ الدراسة يعارض أن أشارك مع أي مجموعة مهما كانت؛ وذلك خوفا من السياسة أو أي شبهة، وكنت دائما أحترم رأيه ولا أعارضه، وكان أحيانا في الفترة الحالية بعد الجامعة يقبل بالنشاطات الخفيفة.
كنا في عمل جماعي تطوعي، وهناك رآني شاب متدين وذو خلق ودين ولا أزكي على الله أحدا، ولكنه بشهادة الجميع بأخلاقه وطيب نفسه، إلا أنه كذلك أقل مني في المستوى الدراسي (دبلوم) ولكنه يكمل حاليا بالجامعة، وتقدم لخطبتي دون تأخر، لكن والدي رفض الموضوع من بدايته دون أي يبدي أي سبب إلا أنه غير مرتاح، دون أن يسأل عنه أو يعرف عنه أي شيء.
حدث اتصال عبر الإنترنت بيني وبين هذا الشاب، والله يشهد أن كلامنا لا يتعدى أي حدود ولا يخدش الحياء، وإنما كلام عادي نحاول فيه حل المشكلة.
أنا مرتاحة له جدا، وأرى أنه يفهمني ويفهم طريقة تفكيري، وأننا مناسبان للعيش في الحياة وهدفنا واحد وهو الله ومرضاته، وأرى أننا سنكون عونا لبعضنا في الطاعة.
أخبرت أمي منذ البداية بموافقتي عليه، وهي على علم أني على اتصال به، لكنه لم يرني ولم أره بعد المرة الأولى والوحيدة؛ لأننا لا نريد أن نغضب الله، ولا نريد أن يدخل الشيطان ويزين لنا عمل السوء وما يغضب الله.
والدي لم يكن على علم بموافقتي، والشاب تقدم بعدها مرتين، ووالدي ما زال رافضا
وبعدها علم بموافقتي، ولكن لم يتغير رأيه وما يزال يقول لي إنه غير مرتاح بلا سبب،
وهو لم يسأل عن الشاب، ولم يعرف عنه أي شيء، وإنما أصدر عليه حكما غيابيا.
ماذا افعل؟ أنا فعلا أتمنى أن نرتبط، ولا أحب أن نظل هكذا، لا أعرف كيف يقتنع والدي، علما بأنه لا أحد يستطيع أن يؤثر عليه أو يغير رأيه.
هل كلامي مع الشاب حرام؟؟ والله نيتنا سليمة، والله يعلم، ولا نبغي إلا الحلال، ولا نريد إلا رضا الله، وكلانا يبحث عن الزوج الصالح الذي يعينه، هل أتخلى عنه بسهولة؟ شيء ما في داخلي يقول لي: إنني يجب ألا أتخلى عنه؛ لأنه هو ما كنت أتمنى من أخلاق وتدين وطموح في الحياة، علما أن أحدًا من إخوتي يستطيع مساعدتي، خصوصا أنهم على قدر قليل من التدين، ولن يفهموا وجهة نظري في اختيار الرجل المتدين، أسأل الله أن أجد إجابة ومشورة في حالتي ولكم جزيل الشكر.
الحل:د.فيروز عمر ابنتي الكريمة..
لن أجادلك كثيرا حول الفارق التعليمي بينكما، ما دمت تقولين: إن هذا الشاب التحق بالجامعة فعلا، وسأفترض أنه سينهي دراسته الجامعية، أو حتى أنه لن ينهيها، وأن هذا الفارق لا يعنيك كثيرا.
ولن ألح عليك في السؤال عن السبب الحقيقي للرفض من ناحية والدك؛ فهو وإن كان لم يصرح به فإنك ربما تتوقعينه بدرجة ما..
ولكن النقطة التي سأتوقف عندها بشدة هي أنك لا يمكن أن تتزوجي بشخص لا يوافق عليه والدك!!
أنت ببساطة مخيرة بين أحد أمرين؛ إما أن تحاولي بنفسك أو بمساعدة شخص ذي تأثير على والدك إعادة مناقشة الأمر بشكل أكثر موضوعية، وفي جو من الحوار العاقل الحنون الهادئ، وإما أن تفشل محاولات مناقشة وإقناع الوالد؛ فيكون عليك عندئذ أن تستسلمي بكل رضا وتسليم، وتقطعي كل صلة بينك وبين هذا الشاب، وكل أمل في الارتباط به حتى لا تقعي فيما لا يرضي الله..
هذان هما الطريقان ولا ثالث لهما.. تقولين: إن هناك شيئا ما بداخلك يقول لك: يجب ألا "أتخلى" عنه..
ولكن هل هذا الشيء الذي بداخلك يقول: يجب أن "أحارب" من أجله أو أخسر أبي مثلا؟..
بالتأكيد لا.. كل ما تستطيعين عمله حتى لا تتخلي عنه هو هذه المحاولة الأخيرة من أجل التفاهم والحوار، هذا هو أقصى ما بوسعك حتى لا تتخلي عنه.. ولكني رغم أن "الاختيار" ليس مهمتنا -نحن مستشاري الصفحة-، وأن مهمتنا هي أن نعرض على صاحب المشكلة سلبيات وإيجابيات كل اختيار ليختار هو بنفسه فإننا أحيانا ندفع دفعا في أحد الاتجاهات..
إذا جاءتني تلك الرسالة من فتاة يربطها حب حقيقي وعميق بشاب، أو فرصة الزواج بالنسبة لها محدودة، أو الرفض من والدها يتكرر بشكل تعسفي.. ربما دفعتُها للوقوف في وجه أبيها بشكل أكبر قوة وإصرارًا، مستندة إلى أدلة شرعية لا تعطيه الحق في هذا، ولكن في حالتك فإن كل ما تشعرين به هو أنك "مرتاحة" للشاب، وأنك تتوسمين فيه التدين وحسن الخلق.
فأما الارتياح فإنه سيتكرر مع غيره بإذن الله، وأما "التدين وحسن الخلق"، وأن يكون زوجك عونًا لك في الطاعة؛ فإن هذه الصفات موجودة في آلاف الشباب الذين يبحثون عن فتاة مثلك، وسيكون رزقك بإذن الله تعالى مع واحد منهم..
ابنتي الحبيبة، ورد في الأثر أن الإنسان إذا جرى وراء رزقه كجري الوحوش في البرية فلن ينال إلا ما قسم الله له. ولا أقصد بهذه الكلمات أن نتواكل ونتراخى، ولكني أقصد ألا نخوض معارك ليس لها داع، متصورين أننا بهذا نسيطر على أرزاقنا، ولا ندعها تفلت من أيدينا..
ابنتي الحبيبة، أتمنى لك رزقا كريما واختيارا موفقا بإذن الله تعالى.
منقول - اسلام اون لاين