الحزم.. نوع من الحنان

السؤال:
ربما تكمن المشكلة فيّ أنا أكثر من ابني عمره الآن سنة وشهران، متعلق بي بشكل فظيع أكثر من أمه، أحيانًا يمارس معي تصرفًا يجعلني أتعصّب عليه، وهو أنه يضرب رأسه بكلتا يديه وبقوة، لدرجة أن رأسي يؤلمني أنا وليس هو، أحيانًا ومن باب لفت الانتباه كأنه يهددني بأنه سيضرب رأسه بكلتا يديه، أنا يُجَنّ جنوني، أقول له يا بابا لماذا تفعل ذلك، الله سبحانه وتعالى أرسل إليك والدين يحبانك كثيرًا، لم يَحِن الوقت حتى تضرب رأسك تعبيرًا عن اعتراضك على هذين الوالدين؟ لا أدري كيف أتصرف؟ عندما لا أعيره أي انتباه لهذه الحركة، أشعر بأنه يقف عن تهديدي، إلا أني لا أطيق رؤيته وهو يضرب رأسه بيديه، وجزاكم الله خيرًا.

الحل:
المستشار : د/عمرو أبوخليل

سعدنا بإحساسك الأبوي ناحية ابنك، وأنت تصف مشاعرك حين يضرب ابنك رأسه بكلتا يديه، فتشعر أنت بالألم من شدة حنانك وحبك وحرصك عليه، ولكن الاعتدال في كل شيء خير حتى في حبنا لأبنائنا، خاصة أن هناك مهمة خطيرة موكلة إلينا في حق أطفالنا وهي أن نقوم على تربيتهم، والحب والحنان ركن أساسي في هذه التربية، ولكنها ليست الركن الوحيد.

إننا ونحن نحمل لواء حقوق الأطفال والدفاع عنهم في هذه الصفحة، نؤكد أن الحزم هو أحد أركان التربية المهمة أيضًا، خاصة في تطبيق القواعد التي نعلم أنها تصلح أبناءنا، ويكون عدم الحزم في هذه الحالة ضياعا للطفل وتربيته، إنك تعرف مشكلة ابنك وتشخصها جيدًا، بل وتعرف العلاج، فأنت تذكر أن طفلك يريد لفت انتباهك، أو يريد تهديدك للحصول على ما يريد؛ لذلك يلجأ إلى ضرب رأسه بكلتا يديه، وأنك عندما لا تعيره أي انتباه على هذه الحركة فإنه يتوقف عن تهديده.

إذن فأنت تعرف الحل، بل وجرّبته ونجح، ولكن كما تقول أنت أيضًا في رسالتك المشكلة فيك، المشكلة أنك تعتقد أن الحزم والحسم مع الطفل يتعارض مع الحب، وهذا أمر غير صحيح، أيها الأب المحب الحنون يجب ألا تعير طفلك أي اهتمام عندما يقوم بهذه الحركة، وتُصِرّ على ذلك مهما كرَّرها، حتى يحدث الانعكاس الشرطي لما تعلمه من أن هذه الحركة تجعلك تنتبه له، وأن تحقق له ما يريد، فإذا توقفت عن ذلك انعكس الأمر.

ويعلم أنها لا تحقق ما يريد فيتوقف عنها، وهذا هو الحب الحقيقي والحنان في موضعه؛ لأنه طالما استمررت في الالتفاف والاهتمام، فأنت تساعده في الاستمرار في هذا السلوك، وبذلك أنت تضره أكثر مما تنفعه، في حين أنك لو سلكت أسلوب الحسم والحزم، فأنت تساعده مساعدة حقيقية للتخلص من هذا الفعل المؤلم. الحزم في هذه الحالة هو الحنان والحب الحقيقي، انشَغِل عنه عندما يفعل ذلك، وستحصل على النتائج الإيجابية التي ترجوها بإذن الله.