الصراحة بين الزوجين ضرورية.. فلنسأل عن الكيفية المشكلة :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مشكلتي تكمن في صراحة زوجتي المفرطة؛ فهي تقول رأيها مباشرة ودون ضابط ودون مراعاة لمشاعري، وتعتبر ذلك خصلة حميدة حتى لو تعلق الأمر بهدية قدمتها أو بالشبكة التي قدمتها ولم تعجبها، ومبررها لذلك هو وجوب دوام الصراحة بين الزوجين، إلا أنني أرى أنه بالإمكان تحين الوقت المناسب لذلك، واختيار الكلمات المناسبة، والتمهيد لذلك بمجاملات، واحتد النقاش بيننا في مرة من المرات؛ حتى إنني من شدة غضبي لم أتمالك نفسي، وربما رغبة في الانتقام انتقدتها بشدة، وجرحتها بكلمات لم أكن لأقولها أبدا كانتقاد شكلها، أعلم أني أخطأت واعتذرت لها، ولكن لا أظن أنها غيرت رأيها، ولا أعرف كيف أقنعها برأيي الذي أظنه صحيحا؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير والسلام عليكم.
الحل : سحر طلعتالأخ الكريم، أهلا وسهلا بك زائرا وضيفا على موقعكم هذا الذي ينمو ويتطور بفضل الله ثم بفضل تواصلكم وتفاعلكم معه، والحقيقة أن القضية التي تثيرها رسالتك قضية على جانب كبير من الأهمية؛ حيث يتصور الكثير منا -للأسف الشديد- أن الإنسان عليه ألا ينتقي كلماته ولا يجملها حتى يكون صريحا وحتى يتخلص من آفة النفاق والمداهنة؛ فيسير بين الناس ويقذفهم بكل ما يعن له من كلمات مهما كانت قاسية وموجعة، والطامة الكبرى عندما يحدث هذا بين الأزواج وشركاء الحياة، فنجد الزوج يكيل الاتهامات لزوجته، ويتهمها بأنها لا تجيد شيئا من فنون الحياة، وينتقد كل ما فيها؛ بدءا من شكلها وطريقة كلامها وسيرها ولبسها وطهوها... إلخ، ولا مانع من أن يسخر من أو يحقر ما أحضرته له من هدايا، أو ما تبذله له من جهد. كما نجد من الزوجات من تفعل مثل ذلك أيضا بدافع الصراحة.
المهم أنه يحضرني في هذا المقام موقفان:
موقف لسيد الخلق قدوتنا ورسولنا صلى الله عليه وسلم حينما جاءه رجل له دَيْن عنده، فأغلظ للرسول القول سائلا إياه أن يرد الدين، وهنا ثار سيدنا عمر -فيما أذكر- رضي الله عنه، وحاول أن ينتقم لشخص الرسول الكريم، فما كان منه -عليه أفضل صلاة وتسليم- إلا أن نهاه وأمره أن يكف أذاه عن الرجل، ونصحه بمسلك آخر وهو أن يطالب الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن الأداء، وأن يطالب الرجل بحسن السؤال.
والموقف الثاني هو مقولة سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه حينما قال: "رحم الله رجلا أهدى إلي عيوبي"، فلننظر إلى جمال التعبير والتصوير؛ حيث ترسم صورة للرجل يرشد أخاه لعيوبه بأفضل صورة حتى يبدو كأنه يهديه هدية؛ فهل نعي هذا؟ أم أننا سنظل على ما نحن فيه من غياب الفطنة والذكاء الاجتماعي؟!! ومتى ندرك أن هذه الوسيلة (وسيلة اللوم والتحقير) لا تجدي ولا تنفع؟! ومتى يمكن لشركاء الحياة أن يتعاملوا بأسلوب أكثر تحضرا، ويكون قوامه لفت الانتباه بذوق وأدب واختيار الأوقات المناسبة، مع الحرص على التشجيع عند أي تحسن ولو ضئيل، بدلا من اللوم والتقريع.
والمهم أنك تعاني من صراحة زوجتك المبالغ فيها، ومن الواضح أنه عيب فيها وأنها لن يمكنها التخلص منه بسهولة، ويحتاج منك لبعض الصبر والحكمة والروية في التعامل مع الأمر؛ حيث ينبغي أن تكف عن اللوم الشديد، ولا تحاول مرة أخرى أن تسقيها من نفس الكأس، اجعل بينكما حوارات هادئة مستمرة تناقش فيها مواقفها السابقة؛ بحيث يمكنكما سويا أن تقترحا أسلوبا أفضل للاعتراض في المرات القادمة، واحرص على أن تؤكد على أنك لا تفعل هذا إلا رغبة فيها وحبا لها، وعلى أن تحرص على التشجيع عند كل بادرة تحسن، ويفيدك أيضا أن تقلل من المواقف التي ستتعرض فيها لنقدها؛ وذلك بأن تصطحبها معك عند شراء أي شيء لها.
ومن المفيد أن تطيل فترة العقد بعض الوقت حتى تتأكد من احتمال تغيرها للأحسن، وتتأكد من أنك قادر على تحمل هذا العيب فيها، مع دعواتي أن يجمع الله بينكما على الخير.
منقول - اسلام اون لاين