هل بكاء الرجل انتقاص من رجولته؟ "امتدت حياتي الزوجية لتتجاوز الثلاثين عاما، أنجبت خلالها ابنا وابنة، وجعلتني تصرفات وسلوكيات زوجي في تربية الأبناء أندهش كثيرا؛ إذ إنه بعد تجاوز ابني لعمر الرابعة من عمره كان يتحول في لحظة خاطفة إلى وحش كاسر بفعل الغضب حين يرى دموع ابني الصغير.
لم يكن يسأل عن السبب ويحتضنه كما يفعل في اللحظات العادية.. بل كان يصرخ فيه بأعلى صوته مهددا: "إذا رأيت هذه الدموع مرة أخرى فسوف أسميك نادية!"، ويندفع إليه الطفل المسكين ليعانقه فيدفعه الأب بكل قسوة بعيدا عنه.
وكان الأمر واضحا بالنسبة لي؛ إذ إن تدخلي بينهما يعني كارثة في حياتي الزوجية، ولأن رحمة الله تسع كل شيء فقد كان طفلي المسكين يستغل فترات غياب والده في عمله وفي أوقات سفره ليفرغ طاقاته في البكاء على صدري، لكني لا أذكر أبدا أن زوجي رأى دموع ابني حتى مات.. المدهش أن ابني لم يبك وفاة والده الذي نسي أن يعلمه البكاء على فراق الأحبة.
بعد وفاة زوجي حاولت أن أصالح ابني مع ذاته ومع دموعه التي خاصمها وفاء لوصية الأب: "بكاء الرجال عيب جدا"، وحاولت تدمير "حائط برلين الشرقي" ولكن دون جدوى.
كنت أتصور أني سوف أعقد معاهدة سلام بين ابني الرجل ودموعه كرجل أيضا، لكن حسرتي تضاعفت؛ إذ حرص الابن على إظهار دموعه لدي فقط، وبعد موتي سيكون حريصا على أن لا يظهر دموعه قط؛ لأن "حائط برلين الشرقي" لم يهزمه الزمن بعد.
تلك قصة واقعية هي لسان حال كثير من الرجال الذين يعتبرون أن البكاء عيب اجتماعي وضعف شخصية، وأن التعبير عن المشاعر المكبوتة عدم نضج، ونقص في "الخصائص الذكورية" للرجل.
بينما يؤكد د.أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي سابقا
أن المرأة أطول عمرا من الرجل والسبب الدموع؛ فالتعبير عن المشاعر يجعلها أكثر مقدرة من الرجل على تحمل ضغوط وكروب الحياة، والصمود أمام الحروب. (جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مؤخرا بمركز سوزان مبارك الإقليمي لصحة وتنمية المرأة بالإسكندرية حول "الصحة النفسية للمرأة").
ينصح الأخصائيون النفسيون كلا من الرجل والمرأة بالبكاء لتحسين الحالة الصحية؛ فهو أسلوب طبيعي لإزالة المواد الضارة من الجسم، والتي يفرزها عندما يكون الإنسان تعسا أو قلقا؛
فالدموع تساعد على التخلص منها، ويقوم المخ بفرز مواد كيميائية للدموع مسكنة للألم، والبكاء أيضا يزيد من عدد ضربات القلب، ويعتبر تمرينا مفيدا للحجاب الحاجز وعضلات الصدر والكتفين؛
فبعد الانتهاء من البكاء تعود سرعة ضربات القلب إلى طبيعتها، وتسترخي العضلات، وتحدث حالة شعور بالراحة، فتكون نظرة الشخص إلى المشاكل التي تؤرقه وتقلقه أكثر وضوحا، بعكس كبت البكاء والدموع الذي يؤدي إلى الإحساس بالضغط والتوتر المؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض مثل الصداع والقرحة.
رغم الفوائد الصحية للبكاء إلا أن كثيرا من الرجال في مجتمعنا الشرقي يعرض عنه لأسباب مختلفة.
شاركنا برأيك.. من خلال التفاعل مع النقاط التالية:
• هل بكاء الرجل انتقاص من رجولته؟
• متى يبكي الرجل ولماذا؟
• هل بكيت قبل أمام الناس؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فما هو الموقف الذي دفعك لذلك؟ وإذا كانت الإجابة بلا، فما الذي منعك من ذلك؟
منقول - اسلام اون لاين