وراء كل امرأة ناجحة زوج متفهم! استقرار الحياة الزوجية يمضي بالزوجين إلى طريق السعادة والهناء، ويحقق الكثير من النجاحات التي تعود على جميع أفراد الأسرة. وهناك العديد من الأزواج المقتنعين بأهمية إسهام زوجاتهم في مسيرة المجتمع؛ فكانوا وراء نجاحهن كرائدات في مجالاتهن، ولأن العمل الناجح يحتاج مشاركة وتفهم جميع أفراد الأسرة فمن الضروري أن يتكاتف الجميع لدعم كل من يود أن يقوم بعمل طيب يهدف إلى خدمة الأسرة والمجتمع.. هذا ما أكده لنا عدد من الشخصيات النسائية الناجحة المقتنعات بأنه لولا دعم الزوج لما استطعن مواصلة مسيرة عملهن كما ينبغي.
المناخ المساعد
لم تجد الدكتورة "فوزية عبد الستار" أي صعوبة في أي منصب تولته خلال عملها الأكاديمي في الجامعة أو خلال عملها كوكيلة لكلية الحقوق بجامعة القاهرة أو عملها الحزبي كعضوة في الحزب الوطني المصري الحاكم ورئيسة للجنة التشريعية به ورئيسة للجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة وحاليا كعضوة شعبة العدالة والتشريع بالمجالس القومية المتخصصة؛ بل لاحظت خلال توليها هذه المناصب التعاون الكبير بين الزملاء الرجال في هذه المواقع؛ فلم يكن لديهم أي حساسية لوجودهم كأعضاء في لجنة ترأسها امرأة، أو موقع تقوده سيدة.
وتضيف د.فوزية: لا شك أن العمل العام والعمل الجامعي كان يحتل جزءا كبيرا من وقتي، ولكن كان في تقديري دائما أنه لا بد ألا يكون الثمن هو الأسرة؛ فكنت أرتب اهتماماتي على الجانبين في وقت واحد، ولا شك أن هذا جعلني أتحمل كثيرا من التضحيات بالوقت والراحة. وكان الدافع إلى هذه التضحية هو الطموح والتطلع إلى الأفضل؛ فأمكن التوفيق بين واجباتي الأسرية ومسئوليات العمل العام.
ولا أستطيع أن أنكر الدور الذي ساهم به زوجي في تهيئة المناخ لأتفوق في الجانبين، ويرجع هذا إلى أنه إنسان يفهم وضع المرأة وأهمية مشاركتها في تنمية المجتمع، واحترامه لمركزي في الجامعة، وربما يرجع إلى كونه أستاذا بالجامعة يقدر قيمة العلم ويقدس قيمة نشر التعليم؛ فكان متعاونا من أجل نجاحي بصور شتى، منها التشجيع.
طبيعة فطرية
أما حنان زين –مديرة مركز السعادة للاستشارات في العلاقات الزوجية والأسرية والعاطفية والاجتماعية بالقاهرة- فبدأت العمل في هذا المجال منذ 13 عاما وهي طالبة في الجامعة في صورة أعمال تطوعية في النوادي والجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية؛ حيث كانت طالبة بقسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وهي ترى أن الحياة العصرية تخلق الكثير من المشاكل في العلاقات الاجتماعية. والمرأة تنجح في هذا المجال لأنه يتماشى مع قدراتها الفطرية؛ فلديها طاقة نفسية أكبر، وذكاء اجتماعي وعاطفي، وقدرة على الإنصات واحتواء الآخرين، وتستطيع أن تلمس الاحتياجات المختلفة للإنسان في مختلف مراحل العمر؛ فهذا العمل يتناسب مع دورها الفطري في الأسرة.
وقد كان لزوجها دور كبير في نجاحها، ويرجع هذا إلى إيمانه بالفكرة وبأنها عمل نبيل يخدم المجتمع وله تأثيره الإيجابي على دورها الأسري.
وتقول حنان: زوجي تعاون معي في التخطيط لتحقيق هذا الحلم منذ كنا مخطوبين؛ في كل خطوة نحسب السلبيات والإيجابيات ونحدد توقيتها، واتفقنا على أن تكون الخطوة الأولى هي الإعداد علميا بالدراسات، فحصلت على دبلوم في الهندسة النفسية، ثم ماجستير تنمية المجتمع.
ثم اتفقنا على أن الممارسة كعمل تطوعي يقتطع جزءا من وقت البيت، وقد تحمّل ظروف الدراسة والامتحانات عن طيب خاطر. أما عن صور دعمه لي فهي مادية ونفسية؛ فأكبر قاعدة وراء نجاح الزوجة أن يقدرها زوجها ويضع نفسه مكانها؛ فيلتمس لها العذر؛ فلولا تقديره ودفعه ما استطعتُ مواصلة عملي بهذه الطاقة، إلى جانب عدم العتاب على الفروع بعد أداء الأولويات في البيت ومع الأولاد، وعرض المشاركة فيما يستطيع أداءه، والاعتماد على نفسه في أموره الخاصة في حالة انشغالي، وهو يحضر أحيانا الندوات في المركز، ويلمس بنفسه حاجة الناس لهذا الدور.
شورى عائلية
وتضيف حنان: عندما أردنا افتتاح المركز جلسنا مع الأولاد وناقشناهم في الفكرة فوافقوا عليها وتفاعلوا معها؛ لأنهم يرون بعض النماذج من أصدقائهم يعانون من المشاكل الأسرية، فقدروا دوري وأثره على الأطفال مثلهم، وتحملوا معي أعباء المركز؛ فاعتمدوا على أنفسهم وقت انشغالي، وأكبر تبعة تحملوها هي افتقادي بعض الوقت، والتكامل مع والدهم؛ حيث يتواجد أحياناً بالبيت وبيننا الاتصال التليفوني. وقد فهموا دوري، حتى إنهم يمارسون دور المصلح بين المتخاصمين؛ فابني يسمونه في المدرسة المصلح الاجتماعي، وفي أوقات فراغهم يأخذون الأطفال من أمهاتهم لتسليتهم ببعض ألعابهم التي تبرعوا بها للمركز.
عواطف كعك –عضوة مجلس الشعب المصري ورئيسة لجنة التعليم به- أيدها زوجها منذ بداية الطريق؛ إذ تدرجت في سلك التدريس حتى أصبحت مديرة لعدة مدارس لمدة 5 سنوات، ثم مديرة في التربية والتعليم لمدة 6 سنوات، إلى جانب تدرجها في العمل العام؛ إذ كانت أمينة بالحزب الوطني الديمقراطي (الحزب المصري الحاكم) بمحافظة الفيوم، وقد وجدت منه التشجيع والمساندة بالرأي والمشورة، وعن طريق وضعه الاجتماعي وعلاقاته –إذ كان مهندس ري المنطقة– حقق لها وزنا وثقلا في الانتخابات، إلى جانب تعاونه معها في مسئوليات الأولاد.
فطنة المرأة
وترى نادية شاهين -مديرة معهد الدعاة التابع للجمعية الشرعية المصرية- أن التعامل مع الرجال في المواقع الإدارية يحتاج من المرأة إلى فطنة ودراية وخبرة بأسلوب التعامل حتى لا تقع في مشاكل؛ فإذا كان لديها فن التعامل مع الغير وجدت الاحترام والتقدير والتفاهم من الرجال.
وجدت "مديرة معهد الدعاة" التعاون من زوجها في طريق عملها؛ إذ بدأت هذا الطريق بتلقي العلوم الشرعية بمراكز تحفيظ القرآن الكريم بالكويت أثناء إقامتها مع زوجها وأولادها، ثم التحقت بمعهد إعداد الدعاة التابع للجمعية الشرعية المصرية؛ حيث حصلت على المركز الأول بتقدير امتياز، وكانت دفعتها هذه هي أول دفعة للمعهد عام 1996، ثم عينت مديرة للمعهد، وعضوة لجنة الواعظات بالجمعية، وواعظة بأحد مساجدها. وهي تناقش زوجها في المشاكل التي تواجهها ويفيدها بحكمته وخبرته، ويتعاون فيما يستطيع أداءه داخل البيت.
خدمة عامة
إيمان عبد المحسن -مديرة مكتبة طلعت حرب بالقاهرة- ترى أن المرأة تنجح في الأعمال التي تعتبر خدمة عامة؛ لأن عندها روح العمل الاجتماعي، وهي أكثر صبرا واستيعابا؛ فهي تتعامل في المكتبة مع الجمهور في مراحل عمرية مختلفة؛ فالعضوية مفتوحة لكل الشرائح، والتعامل مع هذه الشرائح خاصة الأطفال يحتاج إلى طبيعة المرأة.
وترأس إيمان 25 من الموظفين، نصفهم رجال، تتعامل معهم بالتفاهم والإقناع والوضوح والحسم؛ فأي موقف -ولو صغيرا- تحلله وتناقشه وتحاول أن تكون قدوة لهم؛ فلا تطالبهم بما لا تفعله، وتلتزم بالقواعد التي تضعها فيضطرون لأن يلتزموا بها. وبعض الرجال في البداية يتخوفون من قيادة المرأة لكنه إذا وجد القدوة والإقناع والحسم يكون التجاوب فعالا.
وترى "إيمان" أن العنصر الأساسي في نجاحها هو زوجها؛ لتفهمه طبيعة عملها والدور الذي تؤديه؛ حيث يتواجد مع الأولاد أثناء غيابها عنهم؛ إذ قد تضطر للذهاب إلى المكتبة مساء، ويوصلها بسيارته عند التأخير، وهذا يخفف عنها همّ إقناعه، ويهيئ لها الظروف المناسبة للعمل؛ فالمرأة تتكدر متأثرة بمشاكل البيت لأنها لا يمكن أن تنفصل في العمل عن البيت، كما أنه يتعاون معها من خلال وظيفته كرئيس تحرير جريدة؛ حيث يوفر لها متحدثين في الندوات ذوي اتجاهات مختلفة اجتماعية ودينية وثقافية؛ مما يساعدها في تقديم أنشطة للجمهور، ويرجع هذا إلى إيمانه بأن عملها رسالة؛ فيتحمل من أجل هدف أسمى ويلمس نتيجة هذا الدور حين يسمع تعليقات إيجابية من المتخصصين في الندوات.
تفاهم الزوجين
ويقول د.أحمد عبد الرحمن -أستاذ علم الاجتماع: إن الحياة الزوجية القائمة على التفاهم تؤدي إلى نجاح الزوجين معا؛ فيتقدم الزوجان وتمضي حياتهما في سلام، ويسعى الزوج إلى نجاح زوجته ويفخر بها لأنها جزء منه، وهو دائم التشجيع لها على حساب البيت لأنها -لا شك- تقتطع جزءًا من وقت البيت.
والاختيار منذ البداية مهم جدا؛ ففي مرحلة الخطبة يجب أن تعرف توجهاته وآراءه وأفكاره، وهل هي توافقه أم لا؟ وهل عنده استعداد لمساعدتها ولديه رغبة في أن تتقدم أم لا؟ فالاختيار السليم والتوافق هما البيئة الخصبة التي تفرز كل هذه النجاحات.
أما الاختيار المبني على أسس أخرى كالمال أو المركز، فقد يكون ذا مال أو مركز وعنده خلل نفسي، وتُفاجأ زوجته بأنه يقف في طريقها وترى تصرفات مَرَضية.
ويرى د.مصطفى الحاروني -مدرس علم النفس التربوي بجامعة حلوان– أن الأمر الطبيعي أن يفخر الزوج بنجاح زوجته؛ لأن ذلك سينقل النجاح لأولاده، وحتى إن تحول الأمر إلى غيرةٍ فالرجل السوي ستدفعه هذه الغيرة إلى بذل مزيد من الجهد للنجاح. أما الغيرة المرضية التي يحاول فيها الزوج تدمير نجاح زوجته، فترجع في الغالب إلى عدم قدرته على تحقيق النجاح، فيبحث عن وسيلة لإحباط زوجته.
منقول - اسلام اون لاين ومنشأ هذه الغيرة المرضية هو ضعف الشخصية والسلبية والإحباط والفشل الذي يشعر به الزوج، وعدم محاولة الزوجة مساعدته للتغلب على هذا الفشل؛ بل إنها أحيانا تكون هي السبب فيه لتعاليها عليه. وهذه الغيرة المرضية تحول الحياة الزوجية إلى ميدان للمعركة وليس للمشاركة، وهذا بدوره له تأثير سلبي على الأبناء. أما الرجل الناجح فلا يمكن أن يغار من نجاح زوجته أبدا بل إنه يبحث عن زوجة ناجحة مثله.
وينصح د.الحاروني الزوجة الناجحة أن تشرك زوجها في هذا النجاح وتسترشد برأيه، وأن تشعره دائما بأنه شريك في هذا النجاح؛ لذا فعلى الزوجة الذكية أن تشعر زوجها دائما بأهميته في حياتها وبدوره الإيجابي في تحقيق أي نجاح تصل إليه؛ بل يجب عليها أيضا أن تدفعه للنجاح في عمله.