المشكلة:المشكلة هي: أني لا أعرف في الحقيقة ما هي؛ لأني فعلاً لا أدري، أنا يائس، ما الفائدة من الحياة؟ وشكراً.
الحل: المستشار د. احمد عبد اللهإنني ألاحظ بالنظر إلى المرحلة العمرية التي تمر بها أن قلقًا عميقًا يحدث للشباب في مثل سنك، وهذا القلق يتناول كل الجوانب النفسية والعاطفية، ويطرح تساؤلات عن المعنى والجدوى والدور، ورؤية العالم، وتحديد ملامح الذات، والتفكير في المستقبل.. إلخ.
وفي إطار هذا القلق قد تقفز إلى الذهن فكرة الجهل بالذات، والشعور بعدم الفائدة.. أحيانًا تتعلق هذه الفكرة بالعالم مباشرة: ما فائدة الحياة؟! وأحيانًا تكون بديلة عن سؤال: ما فائدتي في الحياة؟ … وهكذا.
وهناك احتمال آخر لا ينفي السابق، ولكن قد يُضاف إليه، وهو أنك تمر بظروف تؤثر على مزاجك ونظرتك للحياة: فَقْد عزيز، أو فشل دراسي، أو إحباط عاطفي.. وفي هذه الحالة فإن التساؤل عن فائدة الحياة وجدواها يكون واردًا بشدة.
إذا لم تكن هناك أعراض اكتئابية مرضية: حزن شديد، وميل قوي للعزلة، وضيق صدر متكرر وقوي.. إلخ فإن ما تعاني منه يكفيه بعض التغيير: سفر، وصداقات جديدة، وقراءات أو أنشطة ممتعة.. وهكذا .
أما إذا كان هناك أعراض اكتئابية من التي ذكرتها لك؛ فأنت في حاجة إلى مراجعة طبيب نفساني فورًا.
أما فائدة الحياة فأتركها هي تجيبك بنفسها، فلا تستعجل الجواب.
ويقول لك أ. كمال المصري:
أخي الكريم، اسمح لي أن أبدأ من حيث انتهى أخي الدكتور أحمد: ما فائدة الحياة؟ إن الحياة إذا أجابتك فحتماً ستقول لك: إن الله- سبحانه- لم يخلق الكون والخلق سدى، أو للهو وللعب تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً، قال الله تعالى: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين" فالله –سبحانه- خلق كل ذلك لهدف وغاية هي عبوديته سبحانه وتعالى، وتحقيق مبدأ الخلافة في الأرض بإعمارها وإصلاحها، وتطبيق شرع الله تعالى فيها.. "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر" ، "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
فهذه هي الغاية، وأما فائدة الحياة فبسيطة واضحة، إنها طريق يوصل إلى إحدى نهايتين: الجنة أو النار، فالدنيا دار اختبار لكل منا من أحسن فيها فله الجنة "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقاً"
وأما نحن البشر فعلينا اختيار أحد الطريقين في حياتنا.. وحتماً سنصل.. ولكن إلى أين؟ فليسأل كل منا عمله.
ودعني في النهاية أخي الحبيب أذكر لك مقولة طيبة للأستاذ مصطفى صادق الرافعي -رحمه الله- حول وجودنا في الدنيا: "إذا أنت لم تزد شيئاً على الدنيا كنت أنت زائداً على الدنيا" هكذا هي الحياة.. إما أن تؤثر؛ فيبقى ذكرك وتنال الجنة، وإما أن لا تؤثر فتكون زائداً وهباء منثوراً، لا قيمة لك لا في الدنيا، ولا في الآخرة، والعياذ بالله تعالى.
فكن في الدنيا يا أخي كما قال الشاعر:
وكن رجلاً إن أتوا بعده
يقولون مَرّ وهذا الأثر
ونحن بانتظار آثارك العظيمة.. وما زال الطريق أمامك.. فلا تستعجل الخطى.