تربية الأبناء.. جهد الليل والنهار المشكلة :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه لنا من المساعدات في تربية أبنائنا..
أنا أم لطفلة في الثالثة من عمرها، وأخ لها عمره سنة، منذ أن أنجبت ابنتي والطبيب الخاص بها يقول إنها متقدمة جدًّا في النمو عن سنها، فقد تكلمت مبكرًا ومشت مبكرًا وعمرها 10 أشهر.
مشكلتي أن نسيبة لا تقبل أن أعلمها، فمثلاً عندما أريد أن أقرأ لها تأخذ هي القصة وكأنها تعرف هي القراءة فهي تشاهد أبناء الجيران وهم يذاكرون، وهي أصغر طفلة في البيت كيف أتغلب على هذه النقطة حتى أستغل ذكاءها.
هناك أمر آخر فهي لا تسمع الكلام.. يعني إذا فعلت شيئًا خطأ أقول لها لا تفعليه مرة ثانية تقول حاضر وبعدها تفعله. على سبيل المثال فهي تلعب في الحاسوب الخاص بأبيها وقد قلنا لها لا يجب أن تفعلي هذا وأحيانًا تضرب على يدها، ولكن تكرر نفس الفعل لا أدري كيف أتصرف معها، وما تفسير هذا تكرار نفس الفعل حتى مع العقاب، وجزاكم الله خيرًا، وعذرًا على الإطالة.
الحل: د.منى أحمد البصيلي تساءلت الأم الشابة وهي تنظر إلى أطفالها وتتنهد: متى تكبرون لقد تعبت؟ وهنا أجابتها والدتها بخبرة السنين: عندما تصبحين مسنة وينحني ظهرك وتؤلمك ركبتاك ويشيب شعرك، عندها سيكبرون...
يا سيدتي..
لو كان الأطفال يسمعون الكلام بكل هذه السهولة ويفهمون الأوامر وينفذونها بمجرد أن نلقيها لهم لكانت تربية الأبناء هي أمتع وأسهل مهمة في الدنيا، ولكنها في الواقع أصعب وأطول مهمة للإنسان؛ ولهذا تستحق عليها الأم تكريمًا ليس له مثيل، وهو أن تكون الجنة تحت أقدامها؛ لأن فعلاً تربيتها لأبنائها هي جهد الليل والنهار.
إن نسيبة ليست عندها أي مشكلة.. إنها طفلة طبيعية وعادية جدًّا وذكية والحمد لله وهي تستخدم ذكاءها وقدراتها العقلية في ممارسة أهم هواية عند الأطفال وهي حب الاستطلاع ومحاولة استكشاف كل شيء، والتعرف على العالم من حولها؛ ولذلك طبيعي جدًّا أن تصرّ على أن تمسك القصة بيديها وتتصفحها بنفسها وتحاول تقليد الأطفال الأكبر منها سنًّا، ومع الوقت ستجدينها تتظاهر بأنها تقرأ وتحاول أن تروي القصة هي من مخيلتها وتصنع أحداثًا تنسجها من المعلومات التي تعرفها هي عن الدنيا، وكل هذا مفيد جدًّا لنموها العقلي؛ وذلك لأنها تتفاعل مع الأشياء والأحداث؛ ولذلك لا بد أن تشجعيها على ذلك وتتركيها تحاول بنفسها..
فلتمسك هي بالقصة وأنت تسألينها أن ترويها لك وتسألينها عن معنى الصور والأحداث بالقصة طبعًا ستروي لك كلامًا ليس له أي علاقة بالقصة الحقيقية، ولكنه مهم ومفيد جدًّا لها هي؛ لأنه من نسج خيالها وإنتاج عقلها.
أنا أعلم أنك تريدين أن تعلميها المعلومات التي في القصة، ولكن تأكدي أن أفضل وسيلة وطريقة يتعلم بها الأبناء هي الطريقة غير المباشرة، أي من خلال اللعب والتفاعل، وليس بأن تجلس هادئة لتسمعك وأنت تحكي لها قصة؛ ولذلك فإن أفضل استغلال لذكائها هو اللعب معها والتفاعل معها ومحادثتها باستمرار ومعاملتها على أنها كبيرة وتفهمك.
وطبعًا الحاسوب أو الكومبيوتر بالنسبة لها هو عالم الأحلام فهو شيء مليء بالأزرار والصور وتستطيع هي تغيير الصور؛ ولذلك من الصعب جدًّا عليها مقاومته رغم تكرار التنبيه عليها. فهي لا تقصد أن تخالف تعليماتك ولكنها تريد أن تلعب..
ولذلك علينا نحن أن نضع الحاسب بعيدًا عن متناول يدها، ولكننا أيضًا رغم إدراكنا لرغبتها في اللعب فإننا نريد تعويدها على إطاعة الأوامر وسماع الكلام؛ ولذلك لا أنصحك أبدًا بالضرب ولا حتى الخفيف منه؛ لأنه لن يؤدي إلى سماعها الكلام، وفي الوقت نفسه يعلمها العدوانية والعنف مع الآخرين، ولكن عليك في كل مرة بإفهامها خطأها والاتفاق معها على عدم تكراره وتعريفها بالعقاب الذي ينتظرها إذا كررت ذلك.
والعقابات التي نستخدمها هنا هي الخصام وعدم اللعب معها وحرمانها من الأشياء التي تحبها مثل اللعب مع والدها أو الأطفال الآخرين أو الحلويات أو مشاهدة الكرتون أو الخروج للنزهة أو زيارة الجدة، وننفذ هذه العقابات فعلاً نصبر عليها ولا تملّي أو تتعبي من التكرار تكرار الأوامر وتكرار الخطأ، فهذا هو الطبيعي والأطفال يفهمون ويستوعبون، ولكن في كثير من الأحيان لا يستطيعون التنفيذ وعلينا تفهم ذلك، والصبر عليهم والإصرار على تعويدهم وتعليمهم الصح والخطأ، ولكن ليس بالضرب أو الصراخ أو العنف، ولكن بالصبر وتنويع الوسائل والتفاهم والمناقشة.. وأهلاً بك.
منقول - اسلام اون لاين