الزوج الحائر : فترة عقد أم فترة حداد المشكلة :السادة فريق مشاكل وحلول، تحية تقدير وعرفان على جهودكم المتميزة في طرح عدد من المشاكل التي تهم الفرد المسلم بأسلوب تميز في عرضه بالجدية والجرأة المحمودة في آن واحد، ومشكلتي تتلخص ـ إذا صح أن تكون مشكلة ـ في أنني أقدمت في فترة من فترات الضغط المتتالية على الارتباط بامرأة ارتباطا يحلو له أن تسميه تقليديًّا. مرت فترة الخطبة ولم أرها، مما جعلني أنسى شكلها، وبالتالي لم يعد لديّ ما أفكر على أساسه؛ لأن كل صور الاتصال الأخرى كانت ممنوعة هي الأخرى، وذلك تقليد في عائلتها لم أعرفه إلا بعد تقدمي لخطبتها، وكانت الفتاة من الطيبة بالدرجة التي منعتني من البعد عن هذا الموضوع برمته، ومرت فترة الخطبة، وتم العقد وأنا آمل أن يتغير الحال إلى الأفضل، وتنتهي فترة الحداد هذه، ولكن للأسف تم العقد وكل ما تغير أنني تمكنت من رؤيتها إذا زرتها في بيتها، وأمام الخلق جميعا، مما جعلنا نجهل كل شيء عن بعضنا تمامًا، وأصبحت أراها تمثالاً من الشمع، لا تنطق. والسؤال: هل ـ وأنا مقبل على الزفاف ـ يسبب هذا الوضع مشكلة ما؟ وما الموقف الصحيح الذي ينبغي عليّ أن أتخذه؟ وهل أخطأت يوم أن استجبت لضغوط الأهل والأصدقاء والظروف، فتزوجت بهذه الطريقة التقليدية؟ وما هي أهم مثالب هذا الزواج التقليدي؟ وهل لها من حل؟!
أشعر أحيانًا، أنني أفتعل مشكلة، وأحيانًا أشعر أنني أبأس خلق الله على الإطلاق، وصاحب أشد المشاكل صعوبة، وخاصة أن من حولي دائمًا يصارحونني بأن موقفي لا يتناسب تمامًا مع شخصيتي، وأن أبعد شيء كانوا يتصورونه مني أن أتزوج بهذه الطريقة، مما يؤلب عليّ المواجع، ويشعرني من جديد بما عانيته وأعانيه. قد يكون هناك بعض الغموض في الموقف، ومنشأ ذلك أنني لم أرد أن أطيل أكثر من ذلك، تقبلوا تحياتي، وأنا شاكر لكم إذا وصلني ردكم قبل الزفاف، الذي تحدد موعده في عيد الأضحى
الحل : د.أحمد عبد اللهالأخ الكريم، السكوت علامة الرضا، فهل تريد من أحد أن يقول لك: ماذا تقبل وماذا ترفض؟!
إن إجراءات الزواج تختلف من بيت إلى بيت، ومن مجتمع إلى مجتمع ، وليس هناك شكل نمطي، وإن كان هناك شكل شائع، وما تتحدث عنه موجود ومعروف لدى بعض الأسر في بعض الأقطار، ومبرراته هي المحافظة على الفتاة، وصيانة عواطفها حتى تكون في بيت زوجها! وقد تمر هذه التحفظات وينجح الزواج، وقد لا ينجح، ولن أتصدى هنا لمناقشة صواب هذا التصور من فساده، وإنما أقول لك: إنك ينبغي أن تختار ما تستريح إليه، ويروق لك، وأنت الأقدر على تحديده، وليس من حولك، أو الأسرة والأصدقاء!
أراك تتأثر بكلام الناس وضغوطهم بشكل زائد، وهذا مدخل كبير للمشكلات، فلا يوجد شيء صحيح اسمه تزوجت تحت الضغوط من الأسرة والأصدقاء، ثم تعود وتقول: "إن من حولي يصارحونني أن موقفي لا يتناسب تمامًا مع شخصيتي، وأبعد ما يكون…إلخ"، وإنك مستمر في الموضوع؛ لأن "الفتاة من الطيبة بالدرجة التي … إلخ". ما هذا الخلط يا أخي ؟!
ما علاقة الطيبة هنا بتفضيلك لنمط معين من الإجراءات، أو قبولك بقيود معينة ؟! ومن أين عرفت طيبتها وأنت تجهل كل شيء عنها كما تقول؟!
إن هذا الوضع الذي تشير إليه قد يسبب للبعض نوعًا من الشعور بالنقص؛ لكونهم قد تزوجوا "فجأة" ووجدوا أنفسهم أمام طرف،و مطلوب منهم أن يتفاعلوا معه، وأن يتبادلوا الود والمشاعر العاطفية كلها، ويحتاج هذا الوضع إلى جهد ووقت ينصرف جزء منه قبل الزفاف في الحالات الأكثر شيوعًا.
البعض يكتفي بما تحصل عليه أنت الآن من "لقطات عامة"، وانطباعات سريعة، ويقبل بتأجيل بقية المسائل إلى حين يكون ذلك متاحًا "بعد الزفاف"، ولديه من الاستعداد والمرونة، والقدرة على احتواء الطرف الآخر – بعيوبه قبل ميزاته – ما يستطيع به تجاوز هذه الجزئية، ولديه من الاستعداد للتأقلم، وللتغيير والتغير ما يكفي لتمرير هذا النقص في الإجراءات والخطوات التمهيدية للزواج، ولتقديم التنازلات الأساسية لاستقرار أي زواج.
البعض يكتفي بالجلسات العامة وسط الأسرة ، ويستطيع من خلالها التقاط ما يريد من إشارات عاطفية، ومعلومات شخصية، ويستكمل الباقي بعد الزواج، والبعض الآخر لا يناسبه هذا، ولا يقبله.
المسألة إذن، أن ما أنت فيه قد يكون مشكلة، أو لا يكون بحسب إدراك الطرفين لها، وتعاملهما معًا…الآن ومستقبلا. ومن يرضى بهذا المسار ينبغي ألا يجلد نفسه كل لحظة على هذا الرضى، إنما ينبغي أن يقبل به كما هو. ومَنْ لا يرضى؛ فينبغي أن تكون هناك وقفة تحديد حسم ومطالبة بالحق الشرعي، والعرف الشائع بغض النظر عن النتائج، أو مع الاستعداد لكل النتائج.
بالطبع من حقك أكثر مما تحصل عليه الآن، ومن حقك أن تتنازل عن هذا الحق، فاختر ما تستريح إليه نفسك، ويرشدك إليه ضميرك، دون تردد أو التفات لكلام الناس.
منقول - اسلام اون لاين