تأخر الزواج: تحليل اجتماعي، وواجب جماعي المشكلة:السلام عليكم، ويعطيكم الله العافية.. كما أوردت في المعلومات المدونة أعلاه؛ فأنا بنت- والحمد لله- على خلق، وعلى درجة عالية من التعليم.. وكما أسلفت؛ فقد دخلت الجامعة ولم أسمح لنفسي أن أكوِّن علاقة مع أحد شباب الجامعة، بالرغم من أنني اجتماعية على درجة جيدة، وفي حدود الاحترام المتبادل..
وألاحظ- كما لاحظ صديقاتي- أن كثيرًا من شباب الجامعة ينظرون لي نظرة إعجاب ورغبة في التعرف عليّ، ولم أعط انتباهًا لهذا الأمر، كما لم أعط فرصة لأحد من الشباب للتحدث معي حديثًا منفردًا..
وفي إحدى المرات ذكرت لي والدتي- وهي عجوز جميلة- أن الشاب الفلاني يبدو أنه يحبني، ولكن لم يصل الأمر للنهاية التي أرغبها وأطمح إليها، وهي الزواج..
والحمد لله من صفاتي الأدب، والجمال والدين، وأرغب في تحليلكم للذي يحدث معي، وهو كثير وملاحظ، مع العلم أنني أيضًا متواضعة جدًا بالرغم من تفوقي في المدرسة والجامعة، وبالرغم من تمتعي بكثير من المميزات غير متوافرة فيمن حولي من جيلي؛ من ثقة الأهل مثلاً، وهذه أهمها، وغيرها من الصفات المادية والمعنوية.
أرجو منكم أن تفيدوني في مشكلتي هذه، والتي أصبحت أنزعج منها، وأحاول أن أكتشف الخلل بداخلي، ولكن لا أجد أحدًا يساعدني في اكتشاف هذا الخلل.. أنا آسفة إن كنت قد أطلت عليكم، وأنتظر الرد في أقرب وقت ممكن.
مع فائق الشكر والاحترام.
الحل:د.أيهاب خليفةمن خلال البيانات التي أرسلتها؛ فعمرك لم يتخط الخامسة والعشرين.. فهل تعتبرين نفسك هكذا قد تأخرت في الزواج؟!.
الأخت المرسلة، لعلك تقعين في الحيرة، وتقع معك الكثير من الفتيات في هذه الحيرة نفسها لهذا التفاوت الواضح بين حجم المعجبين بك وبهن من ناحية، وقلة الراغبين والمتقدمين بطلب الزواج من ناحية أخرى، وليس هناك خلل بداخلك ولا نقص؛ فلا تفتقدي الثقة في نفسك.
ولتعلمي أن هذا الشيء يرجع إلى نقطتين:
أولاً: قلة مَن يقدمون على هذا الأمر؛ خوفًا من التكاليف وأعباء الزواج، والتي رغم سوء الحالة الاقتصادية في كثير من بلاد المسلمين لم يتبعها غالبًا تخفيف الأسر من ناحية المطالب والماديات، فيكون ضغط المجتمع، وما يفرضه عليهم من الاهتمام بالشكليات أحيانًا أقوى من رغبة هذه الأسر في تزويج بناتهن؛ فنجد الضغوط تتوالى على الخاطب؛ رغبة في المباهاة بين الأهل والأقران.
ولعل هذه قد تكون سمة في المجتمعات الشرقية التي فقدت الثقة في نفسها، وفقدت القدرة على إثبات ذاتها؛ فسعت إلى التمسك بالشكليات كنوع من التعويض، والدليل أننا نجد المجتمعات الغربية لا تتمسك بالقدْر نفسه من هذه الشكليات في الزواج.
ثانيًا: وهذه حقيقة قد لا يدركها الكثير من الفتيات، وهي أن خوف الشباب من الرفض من قِبَل الفتاة وأسرتها وتأثيره النفسي عليه أكبر بكثير منه في حالة الفتاة إذا رفضت، وهذا ما يجعل بعض الشباب أحيانًا يتخوفون كثيرًا من التقدم إلى فتاة مكتملة الصفات خوفًا من الرفض.
ولعل في هذا درسًا لنا في التوكل على الله؛ إذ إنه قد جرى في عرف الناس مثلاً أن الفتاة الجميلة تتزوج مبكرًا، ونحن نرى خلافًا لذلك؛ فقد نجد فتاة قليلة الجمال مع وجود مميزات مادية تتزوج مبكرًا، وقد يتأخر سن الزواج بفتاة أخرى قاربت الكمال، وهذا يعلمنا ألا نركن إلى الأسباب وأن نترك الأمر لله.
وأرى أن علاج هذه النقطة والتخفيف من حدة هذه الأزمة يكون بأمرين:
أولاً: أن تتيقني وتتيقن كل فتاة أن أمر الزواج هذا هو مثل باقي أمور الرزق مقدر من عند الله؛ فلنترك الأمر إليه، ولا نعجب أو نركن إلى المميزات التي تتميزن بها، ونتساءل لماذا يتأخر سن الزواج؟!.
وفي الوقت نفسه علينا ألا نفقد الثقة، أو نشعر بالخلل في أنفسنا إلا إن كان هناك عيب ظاهر يستدعي العلاج؛ فهناك الكثير من الشباب يكون معجبًا بفتاة أشد الإعجاب، وقد يظهر ذلك في نظرات عينيه، لكن رغم ذلك يحجزه "مانع عقلي معين" من التقدم إليها، وقد يكون هذا المانع لسبب منها، وقد لا يكون، وقد تكون واعية به أو غافلة عنه، ومن شأن خروجك إلى عمل مناسب، وأنشطة الحياة وحركتها الاجتماعية والثقافية أن تكشف للجميع عن جوهر شخصيتك وأخلاقك، وهكذا المؤمن يخالط الناس، رغم ما في هذا من تكاليف ومتاعب محتملة.
ثانيًا: ورغم توكلنا على الله في هذا الأمر؛ فإن علينا أن نسعى للأخذ بالأسباب، وأن نحاول علاج الخلل في المجتمع، وحتى نعلم هذا الخلل علينا أن نعقد مقارنة بين المجتمعات الريفية، والمجتمعات المدنية؛ حيث نرى من قرى الريف أن تأخر سن الزواج عند الفتاة أمر قليل الحدوث، حتى في هذه الأيام التي نعاني فيها من أزمة زواج.. لماذا؟!
ذلك لأن الناس والأسر في قرى الريف يعرف بعضهم بعضًا جيدًا، ولا يتمسكون بالمظاهر والشكليات بالقدْر نفسه الذي يتمسك به مجتمع المدينة، بما يعطي الفرصة للفتيات هناك للزواج في سن مبكرة، رغم قلة المزايا التي تكون لديهن بالمقارنة بمثيلاتهن في مجتمع المدينة، ولكنها مزايا غير معروفة بحكم انقطاع التواصل الاجتماعي في مجتمع المدينة.
وبالطبع لن نستطيع أن نعالج هذا الأمر بصورة قاطعة، ولن نستطيع أن نجعل مجتمع المدينة مثل مجتمع الريف، ولكن علاج هذا الأمر هو أن نسعى جميعًا في هذا الأمر، أمر تزويج الفتيان والفتيات.
ولا نظنُّ أن الفتاة وحدها هي التي تحتاج إلى المساعدة؛ فالشاب يحتاج لذلك مثلها تمامًا، ولنعلم أن في هذا السعي ثواباً عظيماً، وأشعر- والأمر بيد الله- بأن مَن يسعى في هذا الأمر يكون له نصيب من ثواب كل عمل صالح أقيم، أو ثواب كل معصية مُنعت من جراء هذا الزواج، أو من ثواب الذرية الصالحة التي نتجت عنه؛ حيث إننا نجد الكثير من الناس يحجمون عن السعي في مثل هذه الأمور، لما قد يصاحبها- أحيانًا- من حرج في حالة عدم التوفيق أو في حالة فشل هذا الزواج.
وأولى مَن يقوم بهذا الدور هم الرجال والنساء من أقارب الفتاة، خاصة إن كانوا ذوي سمعة طيبة وصلات واسعة بكثير من الناس، ولنا إجابة قريبة على مشاركة وصلتنا تصف تجربة عملية بين الشباب والفتيات.
ندعو الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك.. أما عن مسألة السحر التي تذكرينها في رسالة أخرى؛ فلا نعرف طريق السحرة، ولا نمارس السحر أو إبطاله، ويمكنك الرجوع إلى قسم الفتوى بموقعنا لعل لديهم شيئًا في هذا الصدد.
منقول - اسلام اون لاين
بتصرف بسيط